27
Jun
2019
2

الاستبداد ٢٥ – العرب والثورة كهوية

أن تكون عربياً في الزمن الراهن معناه أن تكون ثائراً. تعريف العروبة بالثورة ليس شططاً. الهوية تُصنع. يصنع العرب هويتهم. وظيفة العرب الراهنة هي الثورة بأرقى مظاهرها ومحتوياتها. الثورة تعيد صنع العرب. العلاقة متبادلة. لا يجد العرب أنفسهم إلا بالثورة، وفي الثورة، ومن أجل الثورة. ما جعل ذلك ضرورياً هو الاستبداد لدى الأنظمة ونقيض ذلك لدى الشعوب العربية: عيش، كرامة، عدالة اجتماعية. لم يعد ممكناً التعايش بين المجتمعات العربية من جهة وحكامها من جهة أخرى. الاستنتاج الوحيد، شعار الثورة، “يسقط النظام”. لم يعد مقبولاً الانقلاب ولا عسكر النظام العسكري. هدف الناس هو الحكم المدني؛ لا مكان فيه للعسكر إلا الطاعة للنظام المدني السياسي.

الهوية صناعة بشرية. ليست معطى تاريخيا. يتطوّر كل شعب. وفي تغيّره تتغيّر الهوية. يصنع العرب هويتهم. يصنعون عروبة جديدة. حاولت الرجعية العربية (الأنظمة العربية، الثورة المضادة) تقديم بديل هو الإسلام الجديد، إسلام النفط والسلفية. رفضت الشعوب ذلك وما تزال.

ليست الهوية معطى. التاريخ لا يقدم الهوية إلا للمحافظين والرجعيين. هؤلاء على كل حال يخترعون هوية مضادة. هوية العرب التي تصنعها شعوبهم هي وظيفة العرب في العالم الجديد، ذي القطب الواحد، أو متعدد الأقطاب؛ سيان. عالم اعتبرهم كمية سالبة متلقية وأسيرة ثقافتها الموروثة، سلفية ليس لها إرادة. لا تعرف كيف تقبض على مصيرها. هم في مواجهة هذا العالم. ليس صدفة أن قوى العالم المتناحرة، الدولية والإقليمية، تتناحر وتتقاتل في هذه المنطقة. الهوية اشتقاق من هو، بضم الهاء. تعريف النفس للآخرين بـ”هو” أو “هم”. يعرّف العرب أنفسهم بما سوف يكونون عليه؛ يعرّفون أنفسهم بالمستقبل. لهم وللعالم. ليس غريباً القول في هذا الأوان أن تغيير العرب، وهو أمر حتمي، سوف يغيّر العالم. إن لم يحدث ذلك تنتهي العروبة.

العربي من يقول عن نفسه انه عربي، مهما كان الأصل الجغرافي أو الإثني (لا يقول السلفيون ذلك عن أنفسهم إلا مجازا). العروبة ليست خيارهم. هي أمر مفروض عليهم. يرفضون المستقبل. لا يعترفون إلا بالماضي. لذلك يعادون الهوية الجديدة. أدخلوا أنفسهم في عداد الثورة المضادة. أي في عداد العروبة الراهنة وهويتها.

يفاجئنا العرب باستمرار. يصرّون على إبهارنا. بعد حضيض اليأس الذي وصلنا إليه في مطلع القرن وقعت ثورتا تونس ومصر في 2010 و2011. حاول العرب الآخرون المشاركة إلا أن الأنظمة قمعت ذلك وحوّلته الى حروب أهلية في كل مكان تقريباً، من المحيط الى المحيط. وحدث ما حدث الى العام 2018. يبهرنا شعب الجزائر والسودان مرة أخرى. تعلّموا مما سبق أن العسكر ان لم يخضعوا للحكم المدني فهم رمز الاستبداد ووسيلته. لذلك يرفضون حكم العسكر. لم يعد الأمر اسقاط النظام وحسب، بل إسقاط حكم العسكر. إسقاط الاستبداد وأجهزته العسكرية والأمنية والبيروقراطية. استفادت الشعوب العربية من تجاربها السابقة.

الحرية كسب. تُكسب بالعمل؛ تؤخذ ولا تعطى. الاستسلام للاستبداد وللثقافة وللماضي هو استنقاع. يخرج العرب من المستنقع. تبقى الثورة المضادة في المستنقع الممتلئ بالنفط والغاز. وهما عبء على العرب. عبء لا بدّ من تجاوزه كما تجاوز التراث والماضي. تتمسّك الثورة المضادة بالنفط والتراث والماضي. معركة العرب في هويتهم الجديدة هي مع كل ذلك. يحدثون قطيعة مع ذلك. يخرجون الى العالم. أنظمة العالم تواجههم. هم في مواجهة عالمية؛ كأنّ تحرّر العالم مرهون بتحررهم. لن يستبدّ بهم تراثهم وماضيهم والرجعية الجديدة؛ الشعوب تصنع مستقبلها. تريده. صار لها إرادة.

لم يطرح العرب في أي من أقطارهم الثورة إلا سلمياً. كان الشعار دائماً “سلمية سلمية”، فإذا الحروب الأهلية وغير الأهلية تنتشر في المنطقة. جاء العالم بأسره لمساندة أنظمة الطغيان على أن لا تبقى الثورة سلمية. بالحرب، بجميع أنواعها، يريدون حماية أنظمة الاستبداد.

عطف الدول الكبرى والإقليمية على أنظمة الاستبداد العربية أمر يسترعي الانتباه. مشاركة هذه القوى في الحروب الأهلية العربية يدعو الى الاستهجان، لا بل الى الظنّ أن هذه القوى نفسها ذات دور في إطلاق ونشوب الحروب الأهلية والثورة المضادة وقوى الاستبداد.

ليس عند العرب شيئ يخسرونه إلا الأصفاد والقيود. الثورة العالمية منوطة بهم شاؤوا أم أبوا. يمكن أن يختاروا ذلك أو ان لا يختاروا. يفتقرون الى المثقفين الذين ينظّرون ويضعون برنامجا لذلك. لكنهم يثورون عفوياً بشكل متقطّع-متواصل هنا وهناك. تواجههم المنظومة العربية الحاكمة بالعنف. وتريد لهم حمل السلاح ضدها. ما داعش والقاعدة إلا بعض إفرازات الأنظمة ضد الناس. الهوية العربية هي الثورة. تغيّرت وظيفة الثورة؛ هي لاسقاط الأنظمة، ولكن أيضاً الوسيلة الوحيدة لبقاء عروبة الشعوب العربية.

ينزل العرب الى الميادين. يحتجّون بالملايين، وهم يعرفون أنهم خسروا كل شيء. خسروا دينهم التقليدي بأن أوجد لهم دين جديد تموّل بعضه السلفية السعودية وبعضه ايران، والمشيخات النفطية طبعاً. فقدوا سيادتهم على أرضهم وهي مليئة بالجيوش الأجنبية. فقدوا وسائل الإنتاج إذ لم يعد منها شيء إلا النفط الذي تسيطر عليه الرساميل الأجنبية. فقدوا شرفهم إذ تدوسه كل يوم اسرائيل والدول ذات الجيوش في المنطقة. صاروا في معظمهم جائعين وخيرات البلاد بيد غيرهم. البطالة مرتفعة وغيرهم يعمل. خسروا ضمائرهم، فهذه صادرها الاستبداد. خسروا ماضيهم فهذا صادره غيرهم. خسروا حاضرهم، فهم يخضعون لحكم الغير بشكل أو بآخر. خسروا مستقبلهم إذ لا يستطيعون صنعه (يصنعه لهم الغير). مقعدون أصابهم الشلل في فعل كل ما يفيد إلا الثورة في الميدان.

لم يعد للعرب شيء يفعلونه إلا الثورة. هذه تشكّل هويتهم. ثورة متقطّعة أو دائمة، أو من أي نوع. جميع الأنظمة العربية وجيوشها تسقط.  بعض الأنظمة تبقى جيوشها وأركان أنظمتها. هذا لا يكفي. الشيء الوحيد الذي يكفي هو سقوط الأنظمة وأجهزتها بما في ذلك العسكر الذين يجب أن يعودوا الى الثكنات ويخضعوا للمدنيين. هؤلاء العسكر لا يصلحون للسياسة. دُرّبوا لأشياء أخرى هي حماية البلد وهذا ما لا يعرفونه ولا يريدونه. كل البلاد العربية حصلت فيها ثورات لاسقاط النظام. وفيها جميعها تصدى العسكر لإلغاء الحكم المدني السياسي. عسكرنا ليس استمراراً للسياسة بأشكال أخرى؛ هو نقيضها. ذلك أن عسكرنا ليس لقتال العدو، وحماية الوطن. هو لقتال الشعب وحماية أنظمة الطغاة وفسادهم الأكبر.

ليس عند العرب شيء يخسرونه إلا كرامتهم، وإلا فإنهم سوف يصيرون الى العدم. الثورة هويتهم. الإصرار على هذه الهوية هو ما يصنعون، وهو ما يجب الإصرار على استمرار صنعه. هم يصنعون ثورة لا تتوقّف، ومثقفو الأمة لا يستطيعون اللحاق بهم. لا يفهم مثقفو هذه الأمة الفراغ الذي نعيش فيه. فراغ الدماغ والبطون. ربما كان الأوّل يجر الى الثاني.

الصراع بين الأنظمة حول الإسلام، بين السنة والشيعة، وبين سنة بلدان النفط والسنة الآخرين، هو ليس صراع الشعوب ضد حكامهم. لم يعد الدين الذي يطرحه المتصارعون حوله هو دين الأمة؛ هو دين أنظمة النفط. دين جديد لا يلزم ولا يحلّ شيئاً. الدين الذي يزعم أنه يحلّ كل شيء، ويحيط بجميع جوانب الحياة ليس ديناً. هو ترف يمارسه حكام النفط. هو سلاح قاتل. يتغلغل في البلدان غير النفطية، مدعوماً بمال النفط، ويُقعد المعتقدين به عن كل عمل مفيد. أصبحنا أمة لا تعمل ولا تفكّر. لا تفكر لأن الدين الاخواني رفع شعار “الدين هو الحل”، أي الحل لكل شيء. ولا نعمل لأن خصومهم من عرب النفط (السلفيون الوهابيون) اعتبروا أن النفط هبة من الله مما يجعلهم يستهلكون من دون أن ينتجوا. هو دين نيوليبرالية لم تمرّ بالمرحلة الليبرالية. من الاستبداد الى النيوليبرالية.

لم يعد لدى العرب شيء يخسرونه. الاستبداد لا يحكم وحسب. لا يمارس أشرس أنواع القمع وحسب. لا يصنع الثورة المضادة وحسب. بل يهدد مستقبل الأمة. بالأحرى الأمة التي يمكن أن تُصنع.

هذه ليست دعوة الى وحدة عربية. بل الى استقلال الدول العربية في إطار الجامعة العربية. جامعة الدول العربية ليست جامعة الشعوب العربية بل جامعة دولها. لم يعد مهماً ولا مفيداً الرجوع الى نقض ونقد سايكس-بيكو. هذا تمويه من أنظمة الاستبداد الذي سببه ليس المؤامرات الامبريالية (كان هذا منذ أكثر من مئة عام) بل أنظمة الاستبداد التي تقوّض أركان كل دولة عربية.

أمة تخاض على أرضها، وضدها، حرب عالمية. جيوش الدول الكبرى والدول الاقليمية، وغيرها، لا تحصى. بل تعصى على الحسبان. أمّة مهددة بالفناء. ليست الصحراء مصدر أو سبب فنائها بل العلاقات الاجتماعية والسياسية السائدة. العلاقات التي أنتجتها أنظمة الاستبداد، ولم تنتج غيرها. هناك صراع داخل الإسلام السياسي، وهو صراع استبداد ضد استبداد آخر. الصراع المهم والمفيد هو صراع الناس، من مختلف طبقاتهم، ضد أنظمة الاستبداد برمّتها.  وعلى الجميع الحذر من تصنيف بعض الأنظمة في صف الحداثة والعداء للإسلام السياسي. لا نظام عربياً إلا واستفاد من سلفية النفط وماله، وساعده ذلك على البقاء.

هوية العرب الراهنة هي العدم (إلغاء ما هو موجود) مهمة العرب نقل العدم الى وجود. الوجود مهدّد بالحروب الأهلية. الحروب صنعتها أنظمة الاستبداد مستفيدة من دعم الدول الكبرى والاقليمية.

تحقيق الوجود يعني صنع حياة جديدة. قيل ان الدين لله والوطن للجميع. لا تبنى الأمة من جديد إلا عندما يصير الدين للمؤمنين على أسس فردية، والوطن للدولة على أساس جماعي. ليس المطلوب التخلي عن الايمان الديني بل أن يصير فردياً، وأن تصير السياسة هي الممارسة الجماعية. الاستبداد ألغى السياسة. استرداد السياسة هو المهمة الأولى. حاجات الناس لا يقررها الدين. حلول المشاكل لا يقررها الدين. الحاجات والمشاكل تحلها السياسة في إطار الدولة.  بعد تفريغ الدولة من الاستبداد وملء فراغ الساحة العامة بالسياسة وبالحوار بين الناس. بالناس الذين يعملون ويقررون مصيرهم.

للأمة مصيرها إذا مارس المثقفون دوراً في التفكير أولاً، والنضال ثانياً. على أن يبدأ الأمر بالتفكير. التفكير أولا بالارتكاز الى تجربة الجماهير في الثورة لا إنكارها. حالة إنكار عند المثقفين. يخشون الخوض في المواضيع الشائكة (التي تصيب الأنظمة) وأحيانا هم عاجزون عن مجرد التفكير. عقود من الاستبداد أقعدتهم وشلّت قدرتهم على التفكير. التوقف قليلاً لاستعادة أنفاسنا. النقاش كثيراً لتشغيل عقولنا. كل ذلك بمعزل عمّا نسمع ونقرأ في وسائل الاعلام. معظمه مأجور. المثقفون فقراء لايمكن ان تكون لهم منابرهم. هم كالأيتام على مائدة اللئام.

لم يعد بإمكان المثقفين البكاء على ما مضى. يمكنهم القياس على ما سيأتي. ولن يأتي إلا ما يصنعون أو يساهمون في صنعه. لا يفيدهم التاريخ ولا التراث ولا الثقافة الموروثة. تتوجّب القطيعة مع كل ذلك. والخروج الى العالم. والتعلّم من الغرب. وإحداث غزو ثقافي غربي من صنعهم هم. تقليد الغرب بإرادتنا. الحداثة (ثقافة الغرب) تُصنع لنا. علينا صنعها من جديد وبشكل ومضمون مختلفين. لا يكون ذلك إلا بتجاوز أنفسنا كي نتجاوز ما نحن فيه.

الأوضاع العربية الراهنة بحروبها الأهلية تصنعنا فكريا في إطار قرره الاستبداد. يتوجّب الخروج من كل الأطر المفروضة حديثاً أو الموروثة والانتقال بالدماغ الى تفكير جديد بحلول مغايرة. يشغلنا صراع الأكباش في المنطقة العربية. هذا شأنهم ليس شأننا. علينا أن نفكّر بوسائط مختلفة وأطر لا تفرض علينا. السير الممكن على طريق أخرى.

شأننا المحافظة على وحدة هذه المنطقة في تنوّعها. التنوّع يشمل كل الأقليات التي تطمع الى كيان ذاتي وأكثر. الشرط الوحيد هو أن تبقى في إطار الدولة التي هي فيها. أن تكون الدول خيارها. وأن تكون اللغة العربية لغة التخاطب بين سكان البلدان العربية مع حق وواجب الأقليات الثقافية أن تتكلم لغتها الخاصة (أمازيغية، كردية، وسريانية، الخ…). تلغى طائفية الدين والإثنية في إطار الدولة وتكون المواجهة بين الفرد والدولة. وكل تجاوز لذلك من السلطة أو الطائفة أو الفرد مدان. الدول الطائفية هي التي تفتري على الأقليات، في إصرار على استخدام لغة الدولة، اللغة العربية وحسب. ميزة هذه المنطقة التاريخية هي التعدديّة (كل أنواع تعددية الهويات). تبقى التعدديات وتخضع لدولة ديمقراطية، ولا تضيرها أية أقلية من أي نوع كانت. ليس أصل العربية التعصّب لها. ما انتشرت العربية بالقسر أساساً. ومنذ الفتوحات، كان معظم انتشارها التاريخي اللاحق اختيارياً. انتشرت العربية في السنوات الألف الماضية أكثر بكثير ممّا قبل. أكثر مما في عصور الفتوحات العربية، وذلك حين لم تكن لها دولة تفرض ذلك بالإكراه. انتشرت العربية بالاختيار لا بالإكراه.  ومن يرفض تاريخه (تاريخ الأقليات وتاريخ الأكثرية) يرفض تاريخ المنطقة العربية. الأمة العربية ليست أمة إثنية. لم ينحدر العرب من أب واحد ولا من شعب واحد. ولم يكونوا شعبا واحداً. لا نفهم العروبة إلا أنها انتماء غير إثني، بل هي انتماء بمعنى استخدام اللغة العربية كلغة تخاطب يومي. العربي من يعرّف نفسه عربيا وحسب. والأرجح أنه لن يفعل ذلك إلا إذا صار يتكلم العربية. كثير من الذين يكتبون العربية يكتبون لغات أخرى أوروبية أو محلية. يفيد العربية أن تصبّ فيها روافد لغوية أخرى. وسيكون ذلك أسهل بمقدار ما يمكن تطوير العربية. وهي تتطوّر فعلا بفعل وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي. سيحدث التطوّر شئنا أم أبينا. المهم قبول التطوّر، وإعطاء الفصحى مكان الصدارة. مع ضرورة تطوير هذه وتطوير قواعدها. لا خوف على العربية وعلى شعوبها فهي توسعت وتطورت في عصور لم تكن السلطة السياسية بيدها. هي ثقافة تطوّر برغم الظروف غير الملائمة. ليست اللغة العربية مشكلة عند من يتكلمونها، رغم ضرورة التطوّر حتى عندهم. بل هي مشكلة عند الأقليات اللغوية. هذه يجب الحفاظ عليها بطريقة أو بأخرى. الديمقراطية تُعنى بالمحافظة على الجميع، بما هم عليه، في اطار الدولة الراهنة، وفي رفض الانفصال. والدولة هي في النهاية، وقبل كل شيء، إمكانية العيش سوية في إطار الدولة الواحدة. الدولة القطرية. لن تكسب الأقليات شيئا من الانفصال. لا ننسى أن من انفصل (جنوب السودان مثلاً) يعاني خطر التفكك والحروب الأهلية. الانفصال لا يفيد شيئاً. يؤدي فقط الى التراجع والفوضى. البوتقة العربية هي الخلاص الوحيد والممكن.

يجب أن لا ننسى أن المنطقة العربية من الأطلسي الى الهندي مستهدفة لكونها عربية. استهداف العرب يصيب الأقليات بينهم بقساوة أكبر.

الظلم التاريخي الذي لحق بشعوبنا في الماضي لحق بالجميع. وأصاب العرب لا لسبب إلا لأنهم الأكثرية. المضطهدون العرب كانوا أكثر من غيرهم بكثير، حتى في الامبراطوريات التي لم يكن يهمها الإثنيات ولم يكن يهمها إلا جمع الضرائب. هذه كان عبؤها على العرب أكثر من غيرهم. يضاف الى ذلك أشكال الظلم الأخرى. الاستبداد أصاب الجميع.

الثورة إلغاء. هي فناء. إنتهاء لما هو موجود. الوجود العربي محكوم بالاستبداد. المستقبل العربي محكوم بالثورة ونتائجها. مهما كانت النتائج. هي الهوية حتى اشعار آخر. الثورة هوية العرب الى أن يصنعوا وجوداً جديدا بمضمون مختلف.